الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
يريد جلودها.قوله تعالى: {وعلى أبصارهم غشاوة} يقرأ بالرفع على أنه مبتدأ، وعلى أبصارهم خبره، وفى الجار على هذا ضمير، وعلى قول الأخفش غشاوة مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل، ولا ضمير في الجار على هذا لارتفاع الظاهرية، والوقف على هذه القراءة على {وعلى سمعهم} ويقرأ بالنصب بفعل مضمر تقديره وجعل على أبصارهم غشاوة، ولا يجوز أن ينتصب بختم لأنه لا يتعدى بنفسه، ويجوز كسر الغين وفتحها وفيها ثلاث لغات أخر، غشوة بغير ألف بفتح الغين وضمها وكسرها.قوله تعالى: {ولهم عذاب} مبتدأ وخبر أو فاعل عمل فيه الجار على ما ذكرنا قبل، وفى {عظيم} ضمير يرجع على العذاب لأنه صفته.قوله تعالى: {ومن الناس} الواو دخلت هنا للعطف على قوله: {الذين يؤمنون بالغيب} وذلك أن هذه الآيات استوعبت أقسام الناس، فالآيات الأول تضمنت ذكر المخلصين في الإيمان، وقوله: {إن الذين كفروا} تضمن ذكر من أظهر الكفر وأبطنه، وهذه الآية تضمنت ذكر من أظهر الإيمان وأبطن الكفر، فمن هنا دخلت الواو لتبين أن المذكورين من تتمة الكلام الأول، ومن هنا للتبعيض، وفتحت نونها ولم تكسر لئلا تتوالى الكسرتان، وأصل الناس عند سيبويه أناس حذفت همزته وهى فاء الكلمة، وجعلت الألف واللام كالعوض منها، فلا يكاد يستعمل الناس إلا بالألف واللام، ولا يكاد يستعمل أناس بالألف واللام، فالألف في الناس على هذا زائدة واشتقاقه من الإنس.وقال غيره ليس في الكلمة حذف، والألف منقلبة عن واو وهى عين الكلمة، واشتقاقه من ناس ينوس نوسا إذا تحرك، وقالوا في تصغيره: نويس.قوله: {من يقول} من: في موضع رفع بالابتداء وما قبله الخبر، أو هو مرتفع بالجار قبله على ما تقدم، ومن هنا نكرة موصوفة، ويقول: صفة لها، ويضعف أن تكون بمعنى الذى، لأن الذي يتناول قوما بأعيانهم، والمعنى هاهنا على الإبهام والتقدير: ومن الناس فريق يقول، ومن موحدة للفظ، وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد، والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها، وأن يثنى ويجمع ويؤنث حملا على معناها، وقد جاء في هذه الآية على الوجهين، فالضمير في يقول مفرد، وفى آمنا وماهم جمع، والأصل في يقول: يقول بسكون القاف وضم الواو لأنه نظير يقعد ويقتل، ولم يأت إلا على ذلك، فنقلت ضمة الواو إلى القاف ليخف اللفظ بالواو، ومن هاهنا إذا أمرت لم تحتج إلى الهمزة بل تقول قل، لأن فاء الكلمة قد تحركت فلم تحتج إلى همزة الوصل.قوله تعالى: {آمنا} أصل الألف همزة ساكنة، فقلبت ألفا لئلا تجتمع همزتان، وكان قلبها ألفا من أجل الفتحة قبلها، ووزن آمن أفعل من الأمن، و{الآخر} فاعل فالألف فيه غير مبدلة من شيء.قوله: {وما هم} {هم} ضمير منفصل مرفوع بما عند أهل الحجاز، ومبتدأ عند تميم والباء في الخبر زائدة للتوكيد غير متعلقة بشئ، وهكذا كل حرف جر زيد في المبتدإ أو الخبر أو الفاعل، وما تنفى {ما} في الحال، وقد تستعمل لنفى المستقبل.قوله تعالى: {يخادعون الله} في الجملة وجهان: أحدهما لا موضع لها، والثانى موضعها نصب على الحال، وفى صاحب الحال والعامل فيها وجهان: أحدهما هي من الضمير في يقول، فيكون العامل فيها يقول، والتقدير: يقول آمنا مخادعين: والثانى هي حال من الضمير في قوله: {بمؤمنين} والعامل فيها اسم الفاعل، والتقدير: وماهم بمؤمنين في حال خداعهم، ولا يجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لمؤمنين، لأن ذلك يوجب نفى خداعهم، والمعنى على إثبات الخداع: ولا يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنا، لأن آمنا محكى عنهم بيقول، فلو كان يخادعون حالا من الضمير في آمنا لكانت محكية أيضا، وهذا محال لوجهين: أحدهما أنهم ما قالوا آمنا وخادعنا.والثانى أنه أخبر عنهم بقوله يخادعون، ولو كان منهم لكان نخادع بالنون، وفى الكلام حذف تقديره: يخادعون نبى الله، وقيل هو على ظاهره من غير حذف.قوله عز وجل: {وما يخادعون} وأكثر القراءة بالألف، وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، وهى على ذلك هنا لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي يدور الخداع بينهما، فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم، وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك: سافر الرجل، وعاقبت اللص، ويقرأ، يخدعون بغير ألف مع فتح الياء، ويقرأ بضمها على أن يكون الفاعل للخدع الشيطان فكأنه قال: ومايخدعهم الشيطان {إلا أنفسهم} أي عن أنفسهم، وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء، لأن الفعل لم يستوف مفعوله قبل إلا.قوله تعالى: {فزادهم الله} زاد يستعمل لازما كقولك: زاد الماء، ويستعمل متعديا إلى مفعولين كقولك زدته درهما، وعلى هذا جاء في الآية، ويجوز إمالة الزاى لأنها تكسر في قولك زدته، وهذا يجوز فيما عينه واو مثل خاف، إلا أنه أحسن فيما عينه ياء.قوله تعالى: {أليم} هو فعيل بمعنى مفعل لأنه من قولك آلم فهو مؤلم وجمعه الماء وألام مثل شريف وشرفاء وشراف.قوله تعالى: {بما كانوا يكذبون} هو في موضع رفع صفة لأليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره أليم كائن بتكذيبهم أو مستحق وما هنا مصدرية، وصلتها يكذبون، وليست كان صلتها لأنها الناقصة، ولا تستعمل منها مصدر، ويكذبون في موضع نصب خبر كان، وما المصدرية حرف عند سيبويه واسم عند الأخفش: وعلى كلا القولين لا يعود عليها من صلتها شيء.قوله عز وجل: {وإذا قيل لهم} إذا في موضع نصب على الظرف، والعامل فيها جوابها وهو قوله: {قالوا} وقال قوم: العامل فيها قيل، وهو خطأ لأنه في موضع جر بإضافة إذا إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف وأصل قيل قول، فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت وكسرت القاف لتنقلب الواو ياء كما فعلوا في أدل وأحق، ومنهم من يقول: نقلوا كسرة الواو إلى القاف وهذا ضعيف، لأنك لا تنقل إليها الحركة إلا بعد تقدير سكونها فيحتاج في هذا إلى حذف ضمة القاف وهذا عمل كثير، ويجوز إشمام القاف بالضمة مع بقاء الياء ساكنة تنبيها على الأصل، ومن العرب من يقول في مثل قيل وبيع: قول وبوع، ويسوى بين ذوات الواو والياء، قالوا: وتخرج على أصلها وما هو من الياء تقلب الياء فيه واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، ولا يقرأ بذلك ما لم تثبت به رواية والمفعول القائم مقام الفاعل مصدر وهو القول وأضمر لأن الجملة بعده تفسره، والتقدير: وإذا قيل لهم قول هو لا تفسدوا ونظيره- ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه- أي بدا لهم بداء ورأى، وقيل لهم هو القائم مقام الفاعل وهو بعيد، لأن الكلام لايتم به، وما هو مما تفسره الجملة بعده، ولا يجوز أن يكون قوله: لا تفسدوا قائما مقام الفاعل، لأن الجملة لا تكون فاعلا فلا تقوم مقام الفاعل، ولهم في موضع نصب مفعول قيل.قوله: {في الأرض} الهمزة في الأرض أصل، وأصل الكلمة من الاتساع ومنه قولهم: أرضت القرحة إذا اتسعت، وقول من قال: سميت أرضا لأن الأقدام ترضها ليس بشئ، لأن الهمزة فيها أصل والرض ليس من هذا، ولا يجوز أن يكون في الأرض حالا من الضمير في تفسدوا، لأن ذلك لا يفيد شيئا وإنما هو ظرف متعلق بتفسدوا.قوله: {إنما نحن} ما هاهنا كافة لإن عن العمل لأنها هيأتها للدخول على الاسم تارة وعلى الفعل أخرى، وهى إنما عملت لاختصاصها بالاسم، وتفيد إنما حصر الخبر فيما أسند إليه الخبر كقوله: إنما الله إله واحد، وتفيد في بعض المواضع اختصاص المذكور بالوصف المذكور دون غيره، كقولك: إنما زيد كريم، أي ليس فيه من الأوصاف التي تنسب إليه سوى الكرم، ومنه قوله تعالى: {إنما أنا بشر مثلكم} لأنهم طلبوا منه ما لا يقدر عليه البشر، فأثبت لنفسه صفة البشر ونفى عنه ما عداها.قوله: نحن: هو اسم مضمر منفصل مبنى على الضم، وإنما بنيت الضمائر لافتقارها إلى الظواهر التي ترجع إليها، فهى كالحروف في افتقارها إلى الأسماء، وحرك آخرها لئلا يجتمع ساكنان، وضمت النون لأن الكلمة ضمير مرفوع للمتكلم فأشبهت التاء في قمت، وقيل ضمت لأن موضعها رفع، وقيل النون تشبه الواو فحركت بما يجانس الواو، ونحن ضمير المتكلم ومن معه، وتكون للاثنين والجماعة، ويستعمله المتكلم الواحد العظيم، وهو في موضع رفع بالابتداء و{مصلحون} خبره.قوله تعالى: {ألا} هي حرف يفتتح به الكلام لتنبيه المخاطب، وقيل معناها حقا، وجوز هذا القائل أن تفتح أن بعدها كما تفتح بعد حقا، وهذا في غاية البعد.قوله: {هم المفسدون} هم مبتدأ والمفسدون خبره والجملة خبر إن، ويجوز أن تكون هم في موضع نصب توكيد لاسم إن، ويجوز أن يكون فصلا لا موضع لها، لأن الخبر هنا معرفة، ومثل هذا الضمير يفصل بين الخبر والصفة، فيعين ما بعده للخبر.قوله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا} القائم مقام المفعول هو القول، ويفسره آمنوا لأن الأمر والنهى قول.قوله: {كما آمن الناس} الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أي إيمانا مثل إيمان الناس، ومثله- كما آمن السفهاء-.قوله: {السفهاء ألا إنهم} في هاتين الهمزتين أربعة أوجه: أحدها تحقيقهما وهو الأصل، والثانى تحقيق الأولى وقلب الثانية واوا خالصة فرارا من توالى الهمزتين وجعلت الثانية واوا لانضمام الأولى، والثالث تليين الأولى، وهو جعلها بين الهمزة وبين الواو وتحقيق الثانية، والرابع كذلك إلا أن الثانية واو، ولا يجوز جعل الثانية بين الهمزة والواو لأن ذلك تقريب من الألف، والألف لا يقع بعد الضمة والكسرة، وأجازه قوم.قوله تعالى: {لقوا الذين آمنوا} أصله لقيوا فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها ثم حذفت لسكونها وسكون الواو بعدها، وحركت القاف بالضم تبعا للواو، وقيل نقلت ضمة الياء إلى القاف بعد تسكينها ثم حذفت، وقرأ ابن السميقع: لاقوا بألف وفتح القاف وضم الواو، وإنما فتحت القاف وضمت الواو لما نذكره في قوله: {اشتروا الضلالة}.قوله: {خلوا إلى} يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الأصل، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الواو وحذف الهمزة فتصير الواو مكسورة بكسرة الهمزة، وأصل خلوا خلووا فقلبت الواو الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لئلا يلتقى ساكنان، وبقيت الفتحة تدل على الألف المحذوفة.قوله: {إنا معكم} الأصل: إننا، فحذفت النون الوسطى على القول الصحيح، كما حذفت في إن إذا خففت، كقوله تعالى: {وإن كل لما جميع} ومعكم ظرف قائم مقام الخبر، أي كائنون معكم.قوله تعالى: {مستهزءون} يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الأصل، وبقلبها ياء مضمومة لانكسار ما قبلها، ومنهم من يحذف الياء لشبهها بالياء الأصلية في مثل قولك: يرمون، ويضم الزاى، وكذلك الخلاف في تليين همزة {يستهزئ بهم}.قوله تعالى: {يعمهون} هو حال من الهاء والميم في يمدهم وفى طغيانهم متعلق بيمدهم أيضا، وإن شئت بيعمهون، ولا يجوز أن تجعلهما حالين من يمدهم لأن العامل الواحد لا يعمل في حالين.قوله تعالى: {اشتروا الضلالة} الأصل اشتريوا فقلبت الياء ألفا ثم حذفت الألف لئلا يلتقى ساكنان الألف والواو.فإن قلت: فالوا وهنا متحركة.قيل: حركتها عارضة فلم يعتد بها وفتحة الراء دليل على الألف المحذوفة، وقيل سكنت الياء لثقل الضمة عليها ثم حذفت لئلا يلتقى ساكنان، وإنما حركت الواو بالضم دون غيره ليفرق بين واو الجمع والواو الأصلية في نحو قوله: لو استطعنا، وقيل ضمت لأن الضمة هنا أخف من الكسرة لأنها من جنس الواو، وقيل حركت بحركة الياء المحذوفة، وقيل ضمت لأنها ضمير فاعل، فهى مثل التاء في قمت، وقيل هي للجمع فهى مثل نحن، وقد همزها قوم شبهوها بالواو المضمومة ضما لازما نحو: أثؤب، ومنهم من يفتحها إيثارا للتخفيف، ومنهم من يكسرها على الأصل في التقاء الساكنين، ومنهم من يختلسها فيحذفها لالتقاء الساكنين، وهو ضعيف لأن قبلها فتحة، والفتحة لا تدل عليها.قوله تعالى: {مثلهم كمثل} ابتداء وخبر، والكاف يجوز أن يكون حرف جر فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يكون اسما بمعنى مثل فلا يتعلق بشيء.قوله: {الذى استوقد} الذي هاهنا مفرد في اللفظ، والمعنى على الجمع بدليل قوله: {ذهب الله بنورهم} وما بعده، وفى وقوع المفرد هنا موقع الجمع وجهان:أحدهما هو جنس مثل: من وما: فيعود الضمير إليه تارة بلفظ المفرد، وتارة بلفظ الجمع.والثانى أنه أراد الذين، فحذفت النون لطول الكلام بالصلة، ومثله:{والذى جاء بالصدق وصدق به} ثم قال: أولئك هم المتقون، واستوقد بمعنى أوقد، مثل استقر بمعنى قر، وقيل استوقد استدعى الإيقاد.قوله تعالى: {فلما أضاءت} لما هنا اسم، وهى ظرف زمان، وكذا في كل موضع وقع بعدها الماضي، وكان لها جواب والعامل فيها جوابها مثل: إذا، وأضاءت متعد فيكون ما على هذا مفعولا به، وقيل أضاء لازم، يقال: ضاءت النار وأضاءت بمعنى، فعلى هذا يكون ما ظرفا، وفى ما ثلاثة أوجه: أحدها هي بمعنى الذى، والثانى هي نكرة موصوفة، أي مكانا حوله، والثالث هي زائدة.قوله: {ذهب الله بنورهم} الباء هنا معدية للفعل كتعدية الهمزة له، والتقدير أذهب الله نورهم، ومثله في القرآن كثير، وقد تأتى الباء في مثل هذا للحال كقولك ذهبت بزيد، أي ذهبت ومعى زيد.قوله تعالى: {وتركهم في ظلمات} تركهم هاهنا يتعدى إلى مفعولين لأن المعنى صيرهم، وليس المراد به الترك هو الإهمال، فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول الثاني في ظلمات، فلا يتعلق الجار بمحذوف ويكون لا يبصرون حالا، ويجوز أن يكون لا يبصرون هو المفعول الثاني، وفى ظلمات ظرف يتعلق بتركهم أو بيبصرون، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يبصرون، أو من المفعول الأول.قوله تعالى: {صم بكم} الجمهور على الرفع على أنه خبر ابتداء محذوف: أي هم صم، وقرئ شإذا بالنصب على الحال من الضمير في يبصرون.قوله تعالى: {فهم لا يرجعون} جملة مستأنفة، وقيل موضعها حال وهو خطأ، لأن ما بعد الفاء لا يكون حالا، لأن الفاء ترتب، والأحوال لا ترتيب فيها، ويرجعون فعل لازم، أي لا ينتهون عن باطلهم، أو لا يرجعون إلى الحق، وقيل هو متعد ومفعوله محذوف تقديره: فهم لا يردون جوابا، مثل قوله: {إنه على رجعه لقادر} قوله تعالى: {أو كصيب} في أو أربعة أوجه:أحدها أنها للشك، وهو راجع إلى الناظر في حال المنافقين، فلا يدرى أيشبههم بالمستوقد أو بأصحاب الصيب، كقوله: {إلى مائة ألف أو يزيدون} أي يشك الرائى لهم في مقدار عددهم، والثانى أنها للتخيير: أي شبهوهم بأى القبيلتين شئتم، والثالث أنها للإباحة، والرابع أنها للإبهام، أي بعض الناس يشبههم بالمستوقد، وبعضهم بأصحاب الصيب، ومثله قوله تعالى: {كونوا هودا أو نصارى} أي قالت اليهود كونوا هودا، وقالت النصارى كونوا نصارى، ولا يجوز عند أكثر البصريين أن تحمل {أو} على الواو، ولا على بل ماوجدن ذلك مندوحة والكاف في موضع رفع عطفا على الكاف في قوله: {كمثل الذى} ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف تقديره: أو مثلهم كمثل صيب، وفى الكلام حذف تقديره: أو كأصحاب صيب، وإلى هذا المحذوف يرجع الضمير من قوله: {يجعلون} والمعنى على ذلك، لأن تشبيه المنافقين بقوم أصابهم مطر فيه ظلمة ورعد وبرق لا بنفس المطر، وأصل صيب: صيوب على فيعل، فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها، ومثله: مين وهين، وقال الكوفيون: أصله صويب على فعيل، وهو خطأ، لأنه لو كان كذلك لصحت الواو كما صحت في طويل وعويل {من السماء} في موضع نصب {ومن} متعلقة بصيب، لأن التقدير: كمطر صيب من السماء، وهذا الوصف يعمل عمل الفعل، ومن لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لصيب فيتعلق من بمحذوف: أي كصيب كائن من السماء، والهمزة في السماء بدل من واو قلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، ونظائره تقاس عليه {فيه ظلمات} الهاء تعود على صيب، وظلمات رفع بالجار والمجرور لأنه قد قوى بكونه صفة لصيب، ويجوز أن يكون ظلمات مبتدأ وفيه خبر مقدم، وفيه على هذا ضمير، والجملة في موضع جر صفة لصيب، والجمهور على ضم اللام، وقد قرئ بإسكانها تخفيفا، وفيه لغة أخرى بفتح اللام، والرعد مصدر رعد يرعد، والبرق مصدر أيضا، وهما على ذلك موحدتان هنا، ويجوز أن يكون الرعد والبرق بمعنى الراعد والبارق كقولهم: رجل عدل وصوم {يجعلون} يجوز أن يكون في موضع جر صفة لأصحاب صيب، وأن يكون مستأنفا، وقيل يجوز أن يكون حالا من الهاء في فيه، والراجع على الهاء محذوف تقديره من صواعقه وهو بعيد، لأن حذف الراجع على ذى الحال كحذفها من خبر المبتدأ، وسيبويه يعده من الشذوذ {من الصواعق} أي من صوت الصواعق {حذر الموت} مفعول له، وقيل مصدر: أي يحذرون حذرا مثل حذر الموت، والمصدر هنا مضاف إلى المفعول به {محيط} إصله محوط لأنه من حاط يحوط فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت ياء.
|